راشد الغنوشـــي.. وتغيّيب الحقائـــــق

   

http://bilmakchouf.org/news153.php     

أدلى راشد الغنوشي في المدة الأخيرة بجملة من التصريحات... لم يخلّ فيها ـ كمثل عادته ء محاولته إخفاء مسؤوليته في المحنة، ودوره المحوري فيها، وانكر جريمته التي ارتكبها في حق العباد،، شيبا وشبابا،، نساء ورجالا وأطفالا،، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

كان بودي أن يُبْقِي الشيخ الكذّاب على القليل من هيبة الرجال، وحياء المؤمنين بما يحفظ به ماء الوجه، ولا يجبرني وإخوة مثلي على فضح مواقيد النار التي ألهب فتيلها، وأصرّ على سكب الزيت عليها كلما هدأت منذ سنة 1991 وحتى يوم الناس هذا، حتى إكتوينا بها ولفح لهيبها من تبقى من الأبرياء، إلا من رحم ربك، بينما هو يتنعم في منفاه الإختياري، برغد العيش، ويدعونا بين الفينة والأخرى إلى "الصبر والمصابرة"،، ويردد، عندما تنغلق الأبواب في وجهه.. خاطيني،، النظام هو السبب..

فقد جاء البيان الأخير الذي أصدره في 5 جوان 2009 من مقر إقامته المريح بلندن،، نسخة طبق الأصل للبيانات السبع والعشرين السابقة،، فتنصل كما عهدناه دوما،، من مسؤوليته الشخصية في ما حدث مطلع التسعينات، ويحدث الآن،، بل حمّل فشل "زعامته" على مشجب من أسماهم بأعداء الحركة في السلطة والمعارضة...

وهنا أفضل عدم مجادلة "راشد الغنوشي"، وأكتفي بإحالته إلى ما صاغه الأخ محمد شمام ردّا على ذلك البيان المهزلة، فقد تولى الأخير تقييم قيادة الغنوشي منذ مؤتمر التأسيس سنة 1979 ـ لا الإعلان سنة 1981 كما جاء في بيانه ـ حيث قال بمطلق الصراحة.."...السياسة، قيادة، فهل يفلح في قيادة الشأن العام من لم يفلح في قيادة شأنه الذاتي؟؟ سؤال نرجو أن يجيبنا عنه شيخنا راشد.

ولم يتورع راشد الغنوشي عن المكابرة والتضليل، بل عمد جهرا إلى المغالطة وتشويه الحقائق مرة أخرى، في التصريح الذي أدلى به في ذكرى التأسيس المزعوم، إلى الصحفي الهادي يحمد بباريس، خاصة في إجابته على سؤال.. "متى يعود الشيخ راشد إلى تونس؟"...

وكم تمنيت أن لا يجيب الغنوشي بمثل ما صرّح، حفاظا على ما بقي من مكانته التي اهتزت مرارا وتكرارا،، فقد ذكر بالحرف الواحد.. "أعود إلى البلاد عندما تنتفي أسباب خروجي منها، لماذا أنا خرجت من البلاد، لأني شعرت بأنه لم يبق لي مجال وموقع فيها إلا السجن، وليس من الحكمة في شيء أن يُختار للإنسان، إذا كان له اختيار، أن يختار السجن...".

وأقف فقط عند هذه الإجابة، لأن البقية لا تعنيني، فهي من جنس الإفتراأت والمزايدات والتمسكن وما شابه ذلك من سلوكيات سماسرة السياسة... وأحوّل السؤال بدوري الى السيد راشد.. إذا كنت تعرف حقّا أنه لم يبق لك في وطنك إلا السجن، فلماذا خيّرت الخلاص الفردي، ونجوت بنفسـك ورضيت السجن لغيرك؟؟ هل هذه شجاعة القائد وأخلاق الزعيم؟؟

ثم، لماذا نغيّب الحقائق؟؟ ونحسب أننا كنا في مواقع تنظيمية قريبة من سلطة القرار داخل الحركة، تسمح لنا بمعرفة الأشياء ولو بعد حين؟؟

على كل، لدي جملة من القناعات التي بقيت تؤرقني، أريد مصارحة الجميع بها، وكشفها تعميما للفائدة، وتصويبا للحقائق،، لعلّي أكفر بها عن بعض أخطائي، وأسلك طريق التوبة والتصحيح مثلما فعل العديد من الإخوة تباعا، وآخرهم الأخ محمد شمام.

أولا، إن خروجك يا شيخ من تونس سنة 1989 كان بتخطيط مسبـق وما تذرعك بالدعوات التي تلقيتها، إلا "غطاء وتقية" خدعت بها الأتبـاع فالكثير منهم يتذكر معارضتنا لهذا "الهروب"،، أفلم يدعُك الأستاذ عبد الفتاح مورو الى البقاء في الداخل، فرفضت، ورتبت فرارك باتفاق مع الإخوة الصادق شورو، وعلي العريض، وحمادي الجبالي، وزياد الدولاتلي، والحبيب اللوز ومحمد بن سالم...

ثانيا، إن اتفاقك مع أولئك الإخوة، كان بداعي دفع الإحراج عن الأمير المنتخب الصادق شورو وطاقمه القيادي من جهة، ومن أخرى تضليل بقية خلق الله، وتوفير مظلة للإعداد بهدوء لخطة فرض الحريات، طمعا في الإنقلاب على النظام وأملا في العودة مظفرا منصورا على طريقة الإمام الخميني... دون إعمال للعقل، أو ترجيح للمصلحة العامة.

كل هذا الإضمار، جعلني وعددا من الإخوة نقتنع بأن هروبك إنما كان تحضيرا لإحياء المخطط الذي فشلت فيه سنة 1987، وشرعت في إعادة الترتيب له مباشرة بعد انتخابات سنة 1989، وهو السبب الرئيسي والوحيد الذي يبرر خروجك.

وأروم هنا العودة إلى بعض التفاصيل التي اتضحت لي بعد سنوات من المراجعة والتأمل، سواء أثناء تواجدي بالسجون أو ما بعدها، وسأقتصر على الإشارة فقط إلى الخلفيات الحقيقية التي كانت وراء صدور بيان أكتوبر 1989، ضد المرحوم محمد الشرفي الوزير الأسبق للتربية والتعليم، لأجزم بأن المستهدف الأول، والمباشر لم يكن الوزير، بل كانت السلطة، لتمرير اتهام لها بالعمل على تجفيف منابع التدين بذريعة إصلاح المنظومة التربوية.

وثالث الأسئلة التي أريد طرحها على الغنوشي، بعدما أنكر وجود خطة إستثنائية... ألم تعرض عليك تلك الخطة مباشرة وأنت في الجزائر؟ ألم تستقبل محمد بن سالم مبعوثا خاصا أوفدته القيادة إلى الجزائر العاصمة لمناقشة تفاصيلها، فباركتهـا، ثم أرسلت لنا ـ قيادات وقواعد مغلوبة على أمرها بموجب مبدأ السمع والطاعة ـ شريطا سمعيا تدعونا فيه إلى التمرد، والعصيان، وفتح صدورنا طلبا للشهادة؟؟

ثم،، ألم يتصل بك الأخوان محمد بن سالم والهادي الغالي في الجزائر للبحث معك مرة أخيرة في تفاصيل الخطة، فجددت مباركتك لها، ووعدت بتوفير ما يلزم من أسباب القوة ـ بما في ذلك توفير السلاح ـ لإنجاحها ؟؟

هذه الأسئلة وغيرها من الاستفسارات مازالت تنتظر منك ولو ردا واحدا،، لكنك ستعجز قطعا، كعادتك عن تحمل أية مسؤولية، وتعلق فشلك على مشجب الآخرين فتحملهم ذنوبا ما اقترفوها...

لذلك أقول لك ما تحفظ الكثيرون عن قوله،، لقد حان زمن الفطام يا شيخ،، وسألجأ إلى أبغض الحلال، لأطلق تنظيما نخره النفاق والزور، بعدما جثمت بكل كلكلك عليه، فحوّلته إلى صنم نعبده، وشيطانا نتعوذ من وسوسته...

اللهم أشهد أني قد بلغت.

                                                           الامضاء: صابر المرابط

21 جويلية 2009